رشيد صبار يكتب: ” الثرثار ومحب الاختصار ” أو الثرثرة السياسية في زمننا البئيس
نعود لكم اعزائي القراء من جديد على قصة من قصص سلسلة "اقرا" للكاتب احمد بوكماخ الذي تربت على يد كتبه أجيال من المغاربة ،ولا يزال الكثير من الشيوخ يتذكرونها بنوع من الحنين الطفولي تجر المغاربة للافتخار بكونهم خريجي مدرسة بوكماخ ،هذا الرجل الذي ظل حيا في قلوب المغاربة بكتبه.
ساتقاسم معكم اليوم قصة جديدة عنونها كاتبنا ب" الثرثار ومحب الاختصار " ورواها كما يلي: ترافق شيخان في سفر ،وكان أحدهما ثرثارا ،بينما الآخر يحب الاختصار ،فلما وصلا إلى المكان الذي كان يقصدانه،احس الثرثار برأسه يلتهب من الحمى ،فسقط مريضا …وبعد بضعة أيام عزم رفيقه على العودة إلى بلده ،فاراد الثرثار أن يحمله رسالة إلى أهله لأن المرض اعجزه عن العودة مع رفيقه … فقال الثرثار لرفيقه قل لاهلي : لقد اصابه صداع في رأسه ،والم في اضراسه ،وفترت يداه ،وتورمت رجلاه ،وانحلت ركبتاه،واصابه وجع في ظهره،وخفقان في قلبه ،وسكتة في لسانه. فقال الرفيق ياسيدي الشيخ ،انا رجل أكره أن أطيل الكلام ولذلك ساقول لهم (( مات والسلام ))
اقول لبعض السياسيين ،اتركوا تلك الثرثرة التي قد تكون مقصودة احيانا لتحقيق بعض الأهداف كعرقلة التسويات السياسية ،وكسب الوقت أثناء التفاوض ،وممارسة الخداع السياسي للأعداء أو للجماهير العريضة ،وبذا يتحدد لها مسار ووظيفة ،وتكون قادرة على اشغال جزء من فراغ اللفظ والمعنى ،يحب على كل سياسي ثرثار ان يحاول وبكل ما يملك من جهد الابتعاد عن الثرثرة ،بالانصراف لإنجاز اشياء تنتظر منه ذات قيمة تجعل منه سياسيا ايجابيا." اذا كان الكلام من فضة والسكوت من ذهب" وهي وصية عظيمة.
اقول لهؤلاء لولا ثرثرتكم الكتوبة على الورق لنفذ ميداد قلمكم منذ زمن طويل.. ولولا أننا لم نكن محظوظين بمعاصرة كتب بوكماخ لأصبحنا في هذا الوقت الأغبر تائهين لا نعرف لأنفسنا فصلا أو أصلا