بدر أعراب يكتب: يطلّ رأس العام الجديد أقرع ويمضي إلى حال سبيله داميا
ما يلبث العامُ الجديد أنْ يطلّ علينا كعادتهِ برأسٍ أقرع لمْ تنبُت فيه بعدُ، ولو خصلةً بيضاء من الشّيب، مُشرئِّباً بعُنقه حذراً ومُتوجّسًا كالمعهُود، وسَط مخاوف من لِقاءِ نفس مصير رُؤوس السنّوات الآفِلة المُنهَكة، حتّى تُسارع كلِمات "التمنِّي" و"التهاني" المناسباتية، إلى إيهامهِ بمُرورٍ سعيدٍ مزيّف فوقَ بساطٍ أحمر على طريق معبّدةٍ، مُعدّة لـه خصيصاً وسَط نثْرِ الوُرود وصدحِ الزغاريد ومنحِ الوُعود المعسُولة.
فهنيئًا للّذين لا يعرِفُون للفرحِ معنًى في وطنٍ يُخاصِم أبناءَه أكثرَ من سبعةٍ وعِشرين ألف مرَّة في اليَوم؛ وللّذين تتشابهُ مُناسباتِهم كأيَّـامهم الحَالكة؛ ولأبناءِ الشّعب الّذين يجهلُون حتىّ كيف يُبادلون التهانِي المُنمّقة مع الآخَرين المَخمليّين أصحاب العائلاتِ الكريمة مِن ذوي الأسماء المُعرَّفة لا النّكرة..
هنيئًا للّذين وُلدوا بجباهٍ مختُومة بخاتِم الشّقاء إلى الأبد؛ وللذينَ أخَذوا علَى الأَحزان والـأقراح والأتْراح والهُموم والكُلُوم في مدنٍ لا تنطرحُ فيها مَشاريع تنميّةِ الإِنسان إطلاقاً، عَـدَا تنْمية تعمِيق الجِراح المستدامة، لأنّهم سكّان مُدنِ الرّيح في هذَا الوَطن الجَريح..
وأخيراً، هنيئًاً للكَادِحين والمَنسيِّين والمُهمّشين والبُسطاء والمُستضعفين والأبريَاء القابِعين وراءَ قضبان الزنَازين ظُلماً؛ وهنيئًا لعبادِ الرّحمانِ الذين يَمشُون علَى الأرضِ هَوناً وإذا خاطبُهم الجَاهلُون قالوا برداً وسَلاما؛ هنيئًا لكلّ هؤلاءِ بحلول عامٍ جديدٍ من الألم والوَجع والهَروات فَوق الرؤوس..