المدينة عزيزة على قلوب الشرفاء.. وإلا فهذه الساحة الخالية… ماذا نسميها ؟

محمد بوتخريط . هولندا.

– المدينة عزيزة على قلوب الشرفاء..
وإلا فهذه الساحة الخالية… ماذا نسميها ؟

– كلمة لابد منها…
الأصدقاء كما تعلمون كثيرون و لكن الأوفياء قليلون جدا.. والأوفياء يسألون : ما كل هذا الغياب ؟
وفي الغياب يجتاحنا سؤال مخيف: ما قيمة الحضور إذا ضاعت كل الكلمات في متاهات الإنتظار…أو الإقصاء..
لكن بعد كل هذه الفوضى التي تملأ المدينة ، هذا انا أصدقائي انثر قلمي اليكم .. والى الاوفياء وفقط…اكتب عن هذه الفوضى …ولما لا اسميها فوضى كما حروفي التائهة تُلمح لي …فكل شيء هناك اصبح بلا قيمة .

-الريف عنوان كرامتهم..
في المدينة هناك ، يعملالشرفاءعلى مدار الساعة لخدمة المدينة ..لا يكلون ولا يملون ولا يتوانون ثانية عن خدمتها ..يحاولون ان ينجحوا وبتفوق ، ليس فقط كثائرين على هذه الفوضى التي تغمر المدينة ..بل كثائرين متمردين يبحثون عن ملاذ آمن..أمين. يركضون لاهثين خلف احلام مشروعة ، فتهرب الاحلام منهم..أو تُبعدها أصابع متحركة من أماكن ما …

آلامهم وجراحاتهم كثيرة في ذاك الريف .. يريدون أن يعيشوا بحرية وأمان وكرامة ، والريف هو عنوان كرامتهم وحريتهم وانتماءهم…لكن لا أحد يتركهم وشأنهم …
هم اليوم يرون أمورًا غير عادية تقع في المدينة ووجب إعادة التفكير فيها…يرون أن هناك العديد من الأسئلة التى يجب أن تتوفر لها إجابات مقنعة .علها تكشف عن أيادي خفية غيرت تماما وجه المدينة..

خلال جولات صباحية اعتيادية ككل يوم،عبر بعض المواقع الالكترونية بالمدينة ، تُصدمك أشياء مثيرة بالفعل ، عناوين متعمدة مستفزة ، لتنسي الساكنة الملفات التي تشغل بالها…

أمامي اللحظة عنوان مستفز من العناوين اياها “السلطات تواصل حملة تحرير الملك العمومي في مختلف أحياء وشوارع المدينة” .. عنوان تصفحته ألف مرة وعبر سنوات وسنوات و قرأته أجيال وأجيال والظاهر أنه ستقرؤه أجيال اخرى قادمة وكأن المدينة بحجم مساحة العالم ..

يرمون كل مرة بما يشغل الاهالي هناك ، آخرها فوضى المهرجانات و…تجوال نجاة و وحيرة الرفاق والخلافات والاختلافات والملاسنات…هو الشغل الشاغل الذي شغل بال البعض “مهرجان للسينما.”… وشغل آخرين في أخذ المواقف وآخرين لإعطائه ما لا يستحقه من جهد و وقت !

– مهرجان السينما في حضرة غياب السينما..
مهرجانات كتبنا عنها كثيرا ، ولكن لا أحد تفاعل مع ما كتبناه..حتى من أصدقاءنا المقربين، قالو عنا أننا نحقد على المدينة!
منذ ان انطلقت حمّى هذه المهرجانات ومن بينها المهرجانات السينمائية انطلقت كذلك تساؤلاتنا ، لماذا هذه المهرجانات ؟ ماهو دورها؟ ماذا انجزت؟ وهل نحن في حاجة إليها؟ وكيف يقع تنظيمها؟ من هم ممولوها ومن يسهر عليها؟ ..دون أن نغفل طبعا السؤال المحوري” كيف لمدينة تعيش مهرجانا للسينما ولا تملك قاعة سينما ! ”
مهرجانات .. ولا يهم من ينظمها ، جمعيات أو أشخاص أو مؤسسات ، فجميعنا يعلم أنها لا تعكس في واقع الامر وفي ظل واقع رمادي تعيشه المدينة سوى رغبة الذين ينظمونها في التواجد على الساحة وجني الارباح دون أن تكون لمهرجاناتهم أي إضافة او أي فعالية حقيقية… مهرجانات لا تمثل بشكلها الحالي الشارع الناظوري ، أحلامه ، انتظاراته وتطلعاته . والقائمين عليها يشبِهون المترشحين للإنتخابات ، يأتون على ظهر الوعود “الكاذبة” الكبيرة الغير قابلة للتطبيق أو القياس ثم يغيبون لسنوات…وسنوات . وما أن تنتهي الانتخابات عفوا المهرجانات ، حتى تتلاشى الوجوه ، تُجمع الأوراق ، تُغلق الورشات ، تُرفع الخيام و تجف الاقلام ..

فبعد أن “عشنا” ، أسابيع مع السيد عبدالسلام البوطيبي “ومهرجان الناظور” ، سيليه ” قريبا” دور لالة صوفيا أغيلاس و”مهرجانها الحسيمي”‘ لنعيش معها هي الاخرى ما تيسر من تحركاتها وصورها وضيوفها واستقبالاتها وفساتينها وبِساطها الاحمر الممتد على جراحات وآلام اهالي الحسيمة ..
لنعيش نحن على عناوين اخبار المدينة التي تحملها الينا مواقعها الالكترونية الاخبارية ،”كرونولوجيا لتحركات ضيوف مهرجان للسينما”.. دون حتى ان يملكوا الشجاعة وينهون الجملة حتى آخرها “… في مدينة لا تملك قاعة سينما !”عناوين كثيرة تقطر كذبا … ثمة “عناوين” بارزة تتمرد وتظهر في كل موقع افتحه.

الظاهر ان الامر متعمدا ، أن تصل نفس “العناوين” الى كل مكاتب التحرير واقسام الاخبار في مواقع المدينة..لإلهاء الجميع عن واقع المدينة وملفاتها العالقة..عناوين تتكرر ، بعضها تهم المهرجان وبعضها يهم ضيوفه واكثرها حول جولات الضيوف ومرافقيهم وبكل انواعها.. والبعض الآخر محسوب على معارضة غير منسجمة من أشخاص عاديين و مجتمع مدني ، تنتقد ، تعترض ، تعارض ..لكنها ايضا تكرر ما تنقله الصحافة الرخيصة في اماكن وجوانب أخرى من المدينة .

تستطيع أن تقول أنه نوع من ” تجمهر العناوين” غير مصرح به في صباحات مدينة واقفة تتصفح العناوين ،متساءلة حول ماهية العلاقة بين “الصحافة” والمجتمع المدني بمهرجانات المدينة !! .

تساءلت أنا الآخر ذات التساؤل ببلاهة وأنا اشعر أن شخصا آخر هو من يتحدث بداخلي … وانا اعلم جيدا نوع العلاقة بين “الصحافيين” وبعض نشطاء المجتمع وبين إدارة مهرجانات المدينة وبكل انواعها وتوجهاتها.

نحن وجميعنا يعلم ، أن كثيرا من صحفي مدينتي ينشرون أخبارا مُملاة عليهم و مختارة لهم وبعناية ، يقومون بتغطية الاحداث بسبب العلاقات التي تربطهم بالمؤسسات ، و حتى لا يتعرضون “لغضب” المسؤولين في ذات المؤسسات!…طبعا هذه مفاهيم تحرف الإعلام عن المفاهيم العلمية التي قام عليها، والتي من الضروري أن تترسخ في ذهن الصحفي قبل أن يخوض غمار العمل الإعلامي . كلام منطقي لا يؤيده الواقع بكل أسف ، والخطير ان هؤلاء كثر في مدينتي ..

أتساءل أحياناً هل هؤلاء ومن يدور في فلكهم ، فعلا “أكبر” مما ينبغي أم أن عقلي هو الذي لا يتسع لإستعابهم .؟
– لقد قالوا فينا وقلنا فيهم.. وكفى المؤمنين شر القتال !
في مدينتي ليس من الضروري ان تكون قريبا من مطبخ دورات مهرجانات المدينة وبكل انواعها ، حتى تكتشف ما يطبخ وراء الكواليس .. فرائحة الطبخ تصلك اينما انت..لأنهم في مدينتي يطبخون ببهارات (وليس لدي اي اشكال فى أن أعلنها هنا ، حتى نحرص على تجنبها فى القادم من الايام ) بهارات فاسدة…انتهت مدة صلاحيتها بل وفي احيان كثيرة تكون غير صالحة للاستهلاك الادمي .

على غرار بعض” مواقعنا الالكترونية” وبعض صحفيينا نجد بعض فنانينا ( من الاخوة والاصدقاء الذين لا يتوصلون “بالأظرفة” و دعوات للحضور ) لا ادري لماذا وفى كل دورة مهرجان بل وقبل حتى أيام من انطلاقها يخرجون ليعلنوا عن اشاعات وفضائح … وهم دائما ما يبدؤون عملهم بحملات ليست “بريئة ” بالمرة !! وحتى عندما لا تكون اخبار ولا مستجدات ولا “فضائح “، فإن الإخوة الزملاء في بعض المواقع الالكترونية كما بعض الاصدقاء في المقاهي ،يتصيدون اقوالهم وتصريحاتهم و يجتهدون ليخترعوا مواضيع و جدالات اخرى.. والإخوة رؤساء المواقع الإلكترونية -طبعا- يخترعون “العناوين البارزة “التى تغذى ذات الجدل ، حتى لو كانت النتيجة هي الإساءة إليهم و للمدينة وضيوفها وحتى لمهنة الصحافة التى لم يعد يحترمها أحد في مدينتي …

وأنا – طبعا- ليس من دورى هنا ولا صلاحيتى مناقشتها.
فقط ، كم يقض مضجعي هذا الحال الذي آلت اليه الامور في مدينتي… مما يجعل الكثير من التساؤلات تحوم حولنا .. وتكثر اكثر حين ارى بعض أصدقائنا من الصحفيين بل ومن المثقفين كذلك والفنانين يضربون ، يرفضون، يسبون ، يقذفون بل ويصدرون بيانات لمقاطعة مهرجانات ما ، ولكن حين يُستدعون اليها وترسل اليهم بطاقات دعوة “وطبعا” مع وعد بالتوصل “بغلاف” ما .. ينقلبون رأسا على عقب ليلخصوا كل السب والبيانات بقول بنكيران في مزوار :”لقد قال فينا وقلنا فيه.. وكفى المؤمنين شر القتال.”
وما أكثرهم في مدينتي ما اكثر ما رأيناهم ينقلبون رأسا على عقب بين عشية وأخرى بلا موضوعية أو أخلاق أو دين أو قيم ، فشعارهم لمن يدفع ، وإلا بدأوا بالتهجم على من لم يدفع حتى … يدفع .

فتنقلب تماما كل الحقائق وتتزعزع أركانها وتهتز الجدران ليقع السقف بعد ذلك على المدينة واهلها بعد ان يخرالبنيان وينقلب كل شيء رأسا على عقب .

اتذكر فعاليات الدورات الماضية ، واتذكر بعض أصدقائي من بعض الفنانين وبعض صحافيينا الأكارم وحتى بعض المواقع ممثلة في ادارات التحرير، كانوا يحملون موقفا ما ..ولكن وبعد “طبخة” ما .. طُبخت بذات البهارات إياها … وقطعة كعك معجونة بعرق اهل المدينة كنصيب طالهم من “الكعكة”.. تحول كل شئ الى عكسه…بل ومنهم من اعتذر و”حلل مصاريف المهرجان “…بل و وتحولت بيانات التنديد الى “بيانات اعتذار”..وتحول مقاطعة المهرجان الى حضور شخصي “بالكوستيم والكرافاطة” وبطاقة دعوة تؤثث الصدور… !!

هذا ما يقض مضجعي ويجعلني أاسف على كثير من الجهد الذي بُذل في هذه المدينة الجميلة الهادئة باهلها، و من أقلام حرة عرفتها المدينة وكانت دائما حاضرة لتوعية اهل المدينة على معنى الانتماء والأخلاق العالية التي غرست في صدور أهل المكان ومنذ زمن بعيد .. لتأتي اليوم ريح هوجاء لتقتلع كل ما تم غرسه على مر السنين .. وكل ما يمثله تاريخ المدينة من عظيم شأن ونضوج فكر .. ولم يثبت إلا القليل…القليل ، الذين لم تتمكن الأعاصير أن تعمي أبصارهم .. ولا ان تقتلع اخلاقهم من أعماقهم و من جذورهم .
صحيح أن هؤلاء يجدون أنفسهم معزولين ، ويكاد تأثيرهم بالتالي أن يكون غير مرئي في الجدل القائم في المدينة لكن اصواتهم وان كانت “مهمشة” مبحوحة فلا زالت باقية شامخة … وهم اشداء ما زالوا صامدون مثل الرماح انتظارا – ربما – لمعركة قادمة.
– كلمة أخيرة قبل الرجوع الى السطر..

قد يعتقد البعض أنني أقصد التقليل من كفاءات “الصحافة” في مدينتي او من بعض زملائي أو أصدقائي الفنانين …
انا فقط أحمل هم هذه المدينة ، مثلكم تماما .. والمدينة كما تعلمون عزيزة على قلوب الشرفاء…ومن يطعنها ويشارك في نزيفها .. لا يمكن له أن يقنعنا يوماً بأنه يعمل للشأن العام إطلاقاً..وإلا فهذه الساحة الخالية بيننا ونزيف المدينة ماذا نسميها ؟
– قبل نقطة النهاية.

شكرا مسبقا ، لكل الاوفياء ..الشرفاء.. شكرا للمشاركة والسؤال.. وللإطلاع على ما أجهدُ و الكثير من أصدقائي لإنتاجه في زمن العدم والفوضى هذا.

المزيد من المواضيع