أكرم قروع يكتب.. التجارة الإلكترونية

بقلم: أكرم قروع

-تعتبر التجارة الإلكترونية نوعا من التجارة الحديثة، التي تعتمد على سوق افتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولقد بدأت في التطور والانتشار على مستوى العالم لما فيها من قوة التأثير وسهولة الانتشار دون وجود سوق حقيقي وتقليدي، والذي يعتمد على التقاء البائع والمشتري وانعقاد مجالس المتاجرة ورؤية السلع مباشرة على الواقع.

-إلا أن هناك بعض المخالفات التي تشوب هذا النوع من التجارة، والتي تؤدي إلى ظهور بعض المشاكل والنزاعات، سواء على مستوى السلع ذاتها، أو على مستوى العلاقة الموجودة بين البائع والمشتري. وسنحاول في هذا المقال تناول بعض هذه المخالفات ومحاولة إيجاد حل لها.

1-عدم تطابق الصورة الافتراضية للسلعة مع صورتها الحقيقية:

-في بعض الأحيان، يعرض البائع سلعته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن طريق صور لا تبرز الخصائص الحقيقية للسلعة على الواقع. وهذه مخالفة تدخل في إطار الخداع والتدليس والغش. فمن شروط البيع الصحيح، أن تكون أوصاف السلعة في الواقع متطابقة بالكامل مع أوصافها الكترونيا. فإذا وصلت السلعة الى المشتري فرأى اختلافا في الاوصاف، كان له حق الفسخ، وربما أدى هذا الى النزاع.

2-بيع الانسان ما لا يملك:

-هذه الصورة من البيع الالكتروني لا تجوز، فهي محرمة شرعا. فلا يجوز للبائع أن يبيع ما لا يملك، كبيع الإنسان للسمك وهو لم يصطده بعد. والدليل على هذا أن أحد الصحابة رضوان الله عليهم، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ؟ قَالَ : (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ).

-والبديل الشرعي لهذا المشكل، هو أن يكون البائع الافتراضي سمسارا لصاحب السلعة، فيتفق معه على بيع سلعته مقابل أجر محدد. فتملك السلعة شرط واجب لبيعها.

3-تماطل المشتري الافتراضي بعد الاتفاق مع البائع على شراء السلعة:

-بعض الناس هداهم الله، يتماطلون في إتمام صفقة الشراء بعد أن يكونوا قد اتفقوا على الشراء واقتناء السلعة. فتراهم يقدمون أعذارا واهية، ويختلقون أسبابا غير معتبرة من أجل عدم إكمال عملية الشراء. وهذا ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالبائع، وبالتالي خسائر مادية به. وهذا لا يجوز، فالمسلمون على شروطهم، فلا يصح فسخ إلا بالتراضي بين الطرفين،

وعدم إلحاق الضرر بالآخر. فالله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، ويقول أيضا: (وَأَوْفُواْ بِٱلْعَهْدِ ۖ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْـُٔولًا).

-إذن فالحل لهذا المشكل هو على عاتق المشتري، فلا بد عليه أن يتأكد من رغبته في السلعة التي يريد شراءها أولا، ثم بعدها يتفق مع البائع من أجل شرائها، فإذا تم الاتفاق والتراضي فعليه إتمام عملية الشراء، وإلا فانه يأثم على عدم إتمام الصفقة وعلى التماطل في أداء ثمنها للبائع.

4-أصحاب الضمائر الفاسدة والذمم المخربة يفسدون البيع:

– ما يلاحظ كثيرا في الأسواق التجارية الافتراضية، هو دخول بعض المتطفلين والمفسدين في عملية البيع، فيكون همهم الوحيد هو عدم إتمام صفقة البيع بين الباعة والمشترين، فتراهم ينتقدون السلعة بدون علم، أو يبخسون ثمنها، أو أحيانا يتدخلون في الثمن الذي حدده البائع لسلعته، دون أن يكون لديهم معرفة تامة بالمنتوج، أو مصاريف النقل والإشهار..، أو حتى في بعض الأحيان يضربون سلعة البائع في الحضيض حتى يعرضوا سلعهم بثمن أقل. وبصريح العبارة فإنهم يتدخلون فيما لا يعنيهم، وبالتالي يفسدون التجارة ويضيعون أرزاق الناس.

خاتمة:
-هذه باختصار بعض المخالفات التي ترتكب في التجارة الالكترونية، وأكيد أن هناك مخالفات أخرى، سوف نتطرق لها في مقال آخر إن شاء الله. وكلها تصب في مصب واحد، وهو إفشال التجارة وعملية البيع والشراء، وخلق نزاعات بين الناس. وهذا ليس من أخلاق التجارة. فمن يدخل مجال التجارة الالكترونية فكأنما دخل مجال التجارة العادية، فعليه أن يتحلى بمكارم الأخلاق وبآداب التجارة. يقول نبينا الكريم: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى». فالذي يتعامل بالسماحة يرحمه الله تعالى في الدنيا والآخرة، لأن السماحة سخاء في النفس وكرم في الخلق، ولين في الطبع وحسن المعاملة.

والى لقاء قادم إن شاء الله.

المزيد من المواضيع