حفريات ثقافية.. ﺍﻟﻤﺮأﺓ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ بين الأمس واليوم
ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻟﻴﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻛلﺍ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﻳﻔﻲ ﻗﻮﻳﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺣﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﺤﻘﻞ ﻭﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻭﺍﻷﺣﺮﺍﺵ، ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﺎﻟﺒﻘﺮﺓ ﻭﻏﺬﺍﺋﻬﺎ ﻭﺗﺘﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺸﺆﻭﻧﻬﺎ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻠﻴﺐ ﻭﻟﺒﻦ ﺷﻬﻲ ﻭﺯﺑﺪﺓ ﻃﺮﻳﺔ ﻷﻭﻻﺩﻫﺎ .
ﻭﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻭﻗﻌﺎ ﻭﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﺼﻮﻑ، ﻣﻦ ﻏﺴﻠﻬﺎ ﻭﺗﺠﻔﻴﻔﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺮﻃﻴﺒﻬﺎ ﻭﺗﻠﻴﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﺭ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮﻁ، ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺣﺠﻤﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺞ : ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺠﻼﺏ ﻭﺍﻟﺒﺮﻧﻮﺱ ﻭﺍﻟﺤﺎﻳﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺍﻟﻤﺒﺮﻭﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﺭﻗﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ مﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻏﻄﻴﺔ ﻓﺎﻟﺨﻴﻮﻁ ﻏﻠﻴﻈﺔ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺼﺐ “ﻧﻮﺍﻝ” ﺧﺎﺹ ﻭﺁﻟﺔ ﺍﻟﻨﺴﺞ ﻭﻧﻘﻮﻡ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﻛﻠﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﻳﺎ .ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺃﺷﻐﺎﻟﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻳﺨﻠﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ،ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺷﻐﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ ﺗﻨﺠﺰﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻡ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻭﺗﺴﺘﻴﻘﻆ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻟﺘﻮﻗﻆ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻟﺘﻬﻴﺊ ﺍﻟﻔﻄﻮﺭ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻬﻼ ﻭﺣﻴﻦ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ، ﺗﻌﻮﺩ ﻟﺤﻠﺐ ﺍﻷﺑﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻩ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺮﺳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﻋﻰ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺗﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺧﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ.
ﻭﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺷﺮﻛﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ﺑﻄﺮﻕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻴﻊ ﺣﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﻬﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ “ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ” ﻭﻣﻠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺣﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻜﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺇﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﺰﻭﺩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺗﺘﻨﻘﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﻻﺗﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺗﺎﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻣﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻣﺎﻡ ﻭﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ … ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .